نحو رؤية مستقبلية لتطوير دور التجارة الإلكترونية في جذب الإستثمار الأجنبي المباشر فى مصر

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أكاديمية السادات للعلوم الإدارية

المستخلص

           يتعرض العالم بين فترة وأخرى لأزمات اقتصادية تكاد تعصف بكثير من الأنظمة السياسية في كثير من بقاع الأرض، وآخرها الأزمة المالية التي بدأت في سبتمبر 2008 امتدادا لنهاية عام 2009 وبعض التأثيرات السلبية مع بداية عام 2010 والتي تعتبر الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد الكبير سنة 1929، ومن أشهر أزمات النظام الرأسمالي ما حصل في عام 1997م حيث حصل هبوطاً حاداً في أسعار الأسهم في الأسواق المالية الكبرى بدأ في هونغ كونغ، وانتقل إلى اليابان، ثم إلى أوروبا، وتوالى الهبوط من بلد لآخر ،واخر هذه الازمات هى ازمة كورونا ومالها من تاثيرات عديدة على اقتصاديات معظم دول العالم . مما أثر على اقتصاديات الدول واقتصاديات الكيانات الكبرى داخل هذه الدول, الامر الذى هددها بالإفلاس خصوصا مع صعوبة الحصول على الائتمان الكافي من البنوك في ظل هذه الظروف. ([1]).
      ولقد أدى ذلك إلى تطورات هائلة حدثت في جميع مجالات الحياة خصوصاً المجالات الاقتصادية ، حيث ازدحمت الاسواق بالشركات والمنتجات المتعددة والمتنوعة، واشتدت حدة المنافسة في جميع الأسواق ، كما ظهرت التجارة الإلكترونية كأحدي وسائل التجارة الحديثة التي ساهمت وبشكل كبير في تغيير مستقبل العمل التجاري ، وساهمت من خلال تسهيل عملية البيع والشراء الكترونياً في زيادة كفاءة الشركات وتدعيم الموقف التنافسي لها ، وعملت على تسهيل الحصول على المنتجات والخدمات في الوقت والسرعة المحددة وتخفيض تكلفة تسويق منتجات الشركة الى ادنى حد ممكن . ([2]).
          وعلى الرغم من أن مصطلح التجارة الإلكترونية لم يحظ بالانتشار إلا متأخراً، إلا أن تطبيق التجارة الإلكترونية بدأ مع بداية السبعينيات من القرن العشرين من خلال عدة تطبيقات أهمها التحويلات الإلكترونية للأموال ، ولكن اقتصر ذلك على المؤسسات والشركات العملاقة، إلا أنه مع انتشار الانترنت في التسعينيات من القرن العشرين بدأ التوسع والانتشار في استخدام مصطلح التجارة الإلكترونية ، ومن ثم تطورت تطبيقات التجارة الإلكترونية بصورة كبيرة . والسبب الاخر الذي ساهم في تطور التجارة الإلكترونية هو نتيجة لازدياد حدة المنافسة ما بين الشركات.وتعتبر التجارة الإلكترونية جزء من التجارة التقليدية، ولها علاقة بالعلوم الأخرى مثل الإدارة والقانون، وهي جزء من علم الاقتصاد، وهي تتطلب بيئة ادارية وتنظيمية مناسبة لإدارتها، وبيئة قانونية لحماية المتعاملين بها ([3])
         حيث احتلت التجارة الإلكترونية في الدول الصناعية المتقدمة خلال العقدين السابقين مكانة  متعاظمة فى انشطة المجتمعات ،وكانت المحرك الرئيسي لنموها الاقتصادي  ، انعكس تأثيرها إيجاباً على بنية  هذه الدول ، وغيَّر من سلوك أفرادها وأحدث آليات تعامل جديدة لم تكن معروفة سابقًا، وظهر مجتمع من نمط جديد يعتمد اعتماًدا متزايدًا على المعرفة والتكنولوجيا الرقمية، وهو ما جرى تسميته  بتسميات مختلفة مثل "مجتمع  المعرفة او التجارة الإلكترونية ، و تطور حجم التجارة الإلكترونية من 3 مليارات دولار عام 1996 إلى 84 مليار دولار عام 1998 ثم 1234 مليار دولار عام 2002 حتى وصل إلى 15425 مليار دولار فى عام 2017 . ([4])
        وقد عزز هذا الاتجاه الإنجازات الاقتصادية  البارزة لدول نامية استخدمت التجارة الإلكترونية لترسخ موقًعا مرموقاً لها في العالم. وقد أظهرت تلك الإنجازات أن الدول التي تمكنت من استخدام هذه التكنولوجيا تتمتع بفرص أوسع للتغلب على عقبات البنية التحتية  فيها، وقدرة أكبر على تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية. فترسخت القناعة نتيجة لذلك بأن التنمية الاجتماعية والاقتصادية في القرن الحادي والعشرين لا يمكن إحرازها بمعزل عن الانتقال إلى مجتمع المعلومات  والمعرفة والتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية ، وسعت معظم الدول النامية إلى وضع استراتيجيات طموحة للاستفادة من التجارة الإلكترونية  في إطار استراتيجية التنمية الشاملة وجذب الاستثمار الاجنبي المباشر ([5]).
         وعلى الرغم من ادخال العديد من التعديلات على القوانين والتشريعات فى معظم الدول العربية بهدف تشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية وخاصة المباشرة منها ،فان الدول العربية لم تنجح فى أن تصبح مواقع جذب مهمة للاستثمار الأجنبى المباشر مقارنة بغيرها من الدول النامية.  فالبيانات تؤكد ضآلة نصيب المنطقة العربية من تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، حيث وصلت هذه التدفقات الى نحو ٨,٦١ مليار دولار فى عام 2013 وبما يمثل 1.5%  من حصة الدول النامية فى العالم ، بينما بلغت هذه التدفقات نحو 56.13 مليار دولار  في هونج كونج ، 78.1 مليار دولار في سنغافورة .أى أن الدول العربية بأكملها لم ترقى الى مستوى دولة مثل سنغافورة فى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر ([6]).
         من ناحية أخرى فان اجمالى تدفقات الاستثمارات العربية المباشرة البينية خلال عام 2015  تتصف بالضآلة حيث بلغت ٢٠,٧١ مليار دولار وبما يمثل ٤٤ % من اجمالى تدفق الاستثمار الأجنبى المباشر الوارد الى الدول العربية خلال نفس الفترة([7]).
         كما اكدت الاحصائيات ان الامارات العربية المتحدة تعتبر اكثر الدول  جذباً للاستثمار الاجنبى المباشر فى منطقة الشرق الاوسط وافريقيا تليها جنوب افريقيا ثم السعودية فالمغرب ثم قطر والبحرين وعمان ونيجيريا واخيرا مصر .
          حيث بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر فى عام 2017/2018 حوالى 8 مليار دولار وزاد إلى 11 مليار دولار فى عام 2018/2019 ومن المتوقع ارتفاعه إلى 20 مليار دولار فى عام 2021/2022 . ([8]) ( وزارة المالية المصرية ، 2019)